Synopsis

ليست حكايات هيرمان هيسه خرافية بالمعنى التقليدي للمصطلح، ومع ذلك هي متأصلة في كل من التقليد الغربي والشرقي للحكايات الخرافية، إنها قصص فائقة للعادة، مكتوبة بين 1900 و1930، وتعكس محاولاته لتجريب كتابة هذا النوع من الحكايات الخرافية، وتحويل حياته كفنان إلى حكاية من هذه الحكايات. إلا أنه فشل في ذلك لأنه لم يستطع أن يحقق الحالة المثالية التي رغب بها، لكن حكاياته نجحت بسبب هذا الفشل بالضبط: إنها حكايات مليئة بالاضطراب الداخلي لكاتب يلعب، بيأس وجدية، بمظاهر نوع أدبي كي يعثر على أثر ما للطمأنينة والانسجام التام.

ولكي نفهم حكايات هيرمان هيسه، يجب أن نعرف أزمة، وشكوك، وأحلام الفنان الشاب في ألمانيا في بداية قرن عاصف. ذلك أن هيسه فهم، مثل كثير من الكتاب الأوروبيين، الأحداث التي جرت حوله-التقدم التكنولوجي السريع، صعود المادية، الحروب العالمية، الثورات، التضخم والأزمات الاقتصادية-كمؤشر على تدهور الحضارة الغربية. وحاول أن يصارع بوساطة الفن، وخاصة الحكاية الخرافية، التهديد الشرير للعلم والنزعة التجارية.

وبينما استمر الموضوع المهيمن في أعمال هيسه متعلقاً بالفن والفنان، فإن قصصه الخرافية، تكشف عن تبدل من موقعه الأناني إلى احترام مسؤولية الفنان في المجتمع.

إن قراءة حكايات هيرمان هيسه الخرافية هو كالدخول في عالم خرافي من الأحلام والرؤى، والفلسفة، والهيام. وهذه المجموعة-الحدث، تحوي اثنتين وعشرين حكاية من أروع ما كتبه هيرمان هيسه في هذا النوع. وهذه الحكايات المليئة بالحالمين، والباحثة، والأميرات، والشعراء الجوّالين، تتحدث مع مكان ما في ذاتنا يلهمنا بتوق روحي عميق، ويدفعنا إلى مغادرة الوطن، وإلى العودة المحتمة، وهذا ينطوي على أكبر المتع وأكثر الجراح إيلاماً في قلوبنا.

تتناول هذه الحكايات الخرافية جميع الموضوعات الشائعة في روايات هيسه العظيمة-سيد هارتا، ذئب البطاح، ودميان-وتعكس أحداثاً تتعلق بحياته الشخصية، وتنطوي على الدوافع الصوفية والرومانسية نفسها التي تغني التألق في أعماله الرئيسية. وفي هذا الكتاب حكايات تسبر مأزق الفنان، الممزق بين الدافع إلى الكمال وإغراءات المتعة والنجاح الاجتماعي.

وفي هذه الحكايات، يستخدم هيسه، بوعي عميق، تقاليد الحكايات الخرافية لكي يحظى بمسافة تبعده عن مشكلاته الشخصية. ولقد عثر على الأشكال الرمزية، والموتيفات المفيدة لتعميم تجاربه ومنحها معاني متعددة عبر حبكات تذكر بالحكايات الرومانسية الشرقية والجرمانية القديمة.

وتكشف حكايات هيسه أنه كان مقتنعاً بأن قوى التكنولوجيا، المسببة للنزاعات، والقومية، والكليانية، والرأسمالية، ألحقت ضرراً كبيراً بالحرية الفردية والتعايش السلمي. وبالتالي تشير حكاياته الخرافية مراراً وتكراراً إلى إمكانيات الرفض الفردي وهدف السلام الداخلي.

تسجل هذه الحكايات رحلة الكاتب الفردية والصراعات السياسية والاجتماعية في أوروبا في تلك الفترة. وهو يفضل أن يتخلص من حبكات وتقاليد الحكايات الخرافية الكلاسيكية ليجرب الخيال العلمي، الخيالي والمروع، الواقعية الرومانسية، والأحلام، مولداً شكله وأسلوبه الخاصين والفردين. وهنا، كذلك سلك هيسه طريق الرفض الرومانسي، وفي كثير من حكاياته توق عميق إلى وطن هو النظير اليوتوبي للأهوال التي نواصل رؤيتها في عصرنا الحاضر.

You may also be interested in...