Synopsis

يقول طه حسين فى ذلك:

لا أضعف أن أعلن إليك و إلى غيرك من القراء أن ماتقرؤه على أنه شعر إمرىء القيس أو طرفة أو ابن كلثوم أو عنترة ليس من هؤلاء الناس فى شىء، انما هو انتحال الرواة أو اختلاف الأعراب أو صيغة النحاة او اختراع المحدثين و المتكلمين.

وقد استعان الكاتب لإخراج هذة النظرية إلى المبحث الفني و اللغوي لأنه رأى من خلال الوجهة اللغوية و الفنية صعوبة أن يكون هؤلاء الشعراء أن يذاع أو ينشر أشعارهم قبل ظهور القرآن.

ومن هنا ندخل إلى منهج البحث الذى اصطنعه الكاتب للبحث عن حقائق لشكوكه و هو المنهج الفلسفى (ديكارت) وهو ينطوي على أن يتجرد الباحث من كل شيىء كان يعلمه من قبل، و أن يستقبل موضوع بحثه خالي الذهن خلوا تاما. بمعنى لا لمؤثرات قومية أو عصبية أو دينية و التحرير بما يتصل بها من أهواء و عواطف.

و وضع قاعدة أخرى وهى أن مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس فى القرآن لا فى الشعر الجاهلى هى قضية غريبة و لكن بديهية  لأن من سمعوا القرآن أعجبوا به حيث تليت آياته و قاوموه و ناهضوه و جادلوا النبى فيه و آمن به بعضهم .

وقد كان جديدا فى أسلوبه و قانونه فيما يدعو إليه، فيها رد على فرق من العرب تمثلهم البلاد العربية نفسها و لولا ذلك لما كانت له قيمة و لاخطر و لما جعل به أحد من الذين عارضوه و أيدوه و ضحوا في سبيل تأييده و معارضته بالمال و الحياة.

فالقرآن أصدق تمثيل للحياة الدينية عند العرب من الشعر الجاهلى فإنه لا يمثل الحياة الدينية وحدها، انما يمثل شيئا آخر غيرها يمثل حياة عقلية قوية و قدرة على الجدال و الخصام و المحاورة و مسائل التى ينفق فيها الفلاسفة دون ان يوفقوا الى حلها.

و  لكن مسألة أن هذا الشعر حمل عليهم بعد الاسلام ، فهو اتهام خطير للشعر الجاهلى و على من حمله بأنه منتحل، فما الأسباب التى حملت الناس على وضع الشعر و إنتحاله بعد الاسلام فيرد طه حسين فى ذلك :

لم تكن الأمة العربية أول من انتحل  فيها الشعر انتحالا وحمل على قدمائها كذبا و زورا، انما انتحل الشعر الأمة اليونانية و الرومانية من قبل و حمل على قدماء من شعرائها، و انخدع به الناس و آمنوا له، و نشأت عن هذا الانخداع و الإيمان  سنة أدبية توارثتها الناس مطئنين إليها حتى كان العصر الحديث و حتى استطاع النقاد أن يردوا الأشياء إلى أصولها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

You may also be interested in...